سامي المظفر .. ليس لأنه إبن عمي, وطاهر البكاء .. ليس لأنه صديقي
Blog post description.
جعفر المظفر
1/12/2025


في الأخبار أن الوزراء, قديمهم وجديدهم ذهبوا مباشرة, وقبل القيام باية مهمة أخرى, إلى تعيين العديد من أهاليهم وأقاربهم في مناصب الوزارة التي تقلدوها, ففي بلد توزع فيه المناصب محاصصة مَن ذا الذي مِن حقه أن يلوم وزيرا إذ ما تصرف بحصته على قاعدة الأقربون أولى بالمعروف.
لقد رأينا أغلب الوزراء يتصرفون بميزانيات وزاراتهم كغنائم, فإن أعطوا قسما منها ولو كان قليلا فلأن ذلك يتم من خلال الإيمان إدعاءا بفقه الخمس أو الزكاة أو لأغراض منع الحسد و تضليل العدو..
ليست هناك دولة في هذا العالم يتقاسمها الأقارب مثلما هي الدولة العراقية, حتى الإقطاعي كان يعين سركاله من خارج أهله وأقاربه, أما دولتنا التي ما زالت تصر على أنها ديمقراطية فهي نموذج متساقط من التاريخ, لأن هذا التاريخ حتى وهو مثقل بالمهازل يرفض متعففا أن تلوث صفحاته دولة كهذه.
مرض المنسوبية والمحسوبية يتقدم اليوم على أمراض عدة ويكاد يكون مع أمراض أخرى, كالطائفية والجهوية, وثقافة مولانا والسيد الحجي, وَصْفات عراقية جاهزة لمن يريد ان يخرب دولة رشيدة في سبعة أيام.
لكن وكما يقال: هناك ثمة ضوء في نهاية النفق, أو : إذا خليت قُلِبت, ولذا فإني حينما أتحدث عن الدكتور سامي المظفر, فلا أتحدث عنه بصفته إبن عم وصديق, وإنما لأنه مع قلة قليلة من الذين كانوا إستوزروا, وفي مقدمتهم الدكتور طاهر البكاء, ومعهم بعض عناصر شيوعية كالأستاذين مفيد الجزائري ورائد فهمي وقلة من أسماء لم اذكرها, من باب النسيان وليس من باب التجاهل, أعطونا أملا كبيرا على أن بإمكان الإنسان أن يتمسك بمبادئه وأخلاقيته فيكونوا كالمنائر لهداية السفن في البحور المتلاطمة الأمواج, وسوف يكتب لهم التاريخ أنهم نجحوا بإمتياز في إمتحان السلطة والمال, وأرى إن من حقهم علينا أن نبني جدارية باسمائهم بعنوان جدارية الشرف.
ثمة من سيذكرني بالأسماء الرفيعة في عالم النزاهة والأمانة العراقية من رجالات الدولة العراقية السابقين, وقد نكون على إختلاف مع بعضها سياسيا غير ان هذا النوع من الإختلاف لا ينفي أنهم كانوا قمما في النزاهة, لكن علينا أن نتذكر أن النزاهة كانت سياقا إجتماعيا عاما يتشارك فيها الجميع ولا فرق فيها بين نوري السعيد وعبدالكريم قاسم.
كانت النزاهة إذن هي القاعدة أما خيانتها فهو الإستثناء, أما اليوم فقد صارت النزاهة هي الإستثناء وصار الخروج عليها هو القاعدة, ولذلك نحن نتحدث هنا عن رجال عرفوا كيف يتجاوزوا المرحلة الموحلة دون أن تتسخ سراويلهم ولا أنفسهم بأوساخها.
وهنا, حينما سأستعيد مشهدا كنت جزء منه, لواحد من الرجال الإستثناء, فليس لغرض التأكيد على إعتزازي بصاحبه, وهو الذي يستحق أشد الإعتزاز, وإنما لغرض الإستدلال بالضوء الذي أراه وهاجا في نهاية النفق المظلم, وهو ضوء حمله معه جميع من شاركه أو من سيشاركهه النزاهة.
جينما تقلد الدكتور سامي المظفر وزارة التعليم العالي رفض تعيين إبنه معيدا في كلية طب بغداد, ولم تستطع السيدة زوجته التأثير عليه بقراره هذا, وحينما (توسطت) للإبن مع أبيه جعل نفسه يهاتف صديقا.
لا لم يكن هذا حلما وإنما كان حقيقة من رجال كانوا توارثوا أخلاق الأئمة وكثير من الصحابة ورجالات العراق في عهوده السياسية السابقة.
واليوم بمناسبة الحديث عن مرض المنسوبية والمحسوبية والتشكيلة الوزارية
سامي المظفر . فخور بك كإبن عم وأخ وصديق.
طاهر البكاء .. فخور بك كأخ وصديق.
وأهلا بكم وزراء في حكومة عراقية مستقرة في العقل والقلب والأخلاق والضمير, وإن لم يكن لها اليوم مكانا على الأرض.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 14:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية